السبت 20 أبريل 2024 10:33 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    مالا تعرفه عن خادمة الفقراء والأيتام.. ليليان تراشر

    مصر وناسها

    ولدت ليليان في ولاية فلوريدا الأمريكية في 27 سبتمبر 1887 ، نشأت في عائلة محافظة مدققة تميل للتقاليد ، وفي طفولتها وصباها عرفت الكتاب المقدس، الذي وصفته مرة بأنه " أعظم كتاب في التاريخ". روت قصة تعرفهاعليه" الكتاب المقدس" فقالت: " بدأت أقرأ فيه لأول مرة، وسرعان ما جذبتني كلمة الله الثمينة. إنني لن أنسى التأثير الرائع لقراءة الكتاب المقدس لأول مرة في حياتي". لقد رأته لأول مرة عند إحدى صديقاتها، فطلبت من أمها أن تشتريه لها في الحال دون الاِنتظار لعيد ميلادها كما وعدتها أمها.
    وبعد ذلك بسنوات، قابلت "ميس بيري" التي كانت تدير ملجأً للأيتام في مكان قريب، ودعت ليليان أن تأتي للعمل بالملجأ. ولم تكن ليليان تدرك أن هذا المكان هو الذي ستتدرب فيه على عملها لرعية الايتام طوال أيام حياتها
    وأخيراً وصلت إلى "معهد الهناء للتدريب" حيث عملت في الخياطة والمطبخ والعناية بالأطفال المولودين حديثاً، والعناية بأعداد كبيرة من الأطفال اليتامى. وهناك تعلمت كيف تتكّل على الله لسد احتياجات الحياة كل يوم لم يكن لديها أموال بالمرة ولم يرسل أحدٌ شيئاً، ولم تكتب مطلقاً للآخرين عن احتياجاتها
    تمزقت أحذيتها ولم يكن لديها مال لشراء زوج جديد من الأحذية، وأرسل إليها أحدهم صندوقاً من ثياب قديمة، وكان فيها زوج أحذية رجالي، فلبسته ليليان دون مبالاة
    والتحقت ليليان بمدرسة الكتاب المقدس في سنسناتي، بأوهايو. وتولت رعاية كنيسة في داهلونجا في جورجيا، وقامت بالكرازة في كنتاكي، وفي 1909 عادت إلى ملجأ الأيتام في ماريون في كارولينا الشمالية.
    كانت تصلي من أجل دعوة للعمل بين أخوة الرب؛ ولكن في تلك الأثناء خُطبت لتتزوج. وقبل يوم زفافها بعشرة أيام رافقت ميس بيري لتسمع أحد الوعاظ وكان من الهند، وقد تأثرت بشدة من عظتة التى كانت بمثابة رسالة لها من السماء ، حتى أنها بكت في أثناء الخدمة، وظلت تبكي طوال الطريق إلى الملجأ بل وطول الليل.
    أرادت مس بيري أن تعرف سبباً لذلك، فأوضحت لها ليليان أنه ليس هناك شيء سوى أنها قد خُطبت لتتزوج أعجب شاب في العالم، وأنها لا تستطيع أن تتزوجه، فقد دعاها الله لأفريقيا ويجب أن تطيع، إذ يجب أن تضع الله أولاً.
    وإذ لم تكن تعرف إلا القليل عن المكان الذي ستذهب إليه، جمعت ممتلكاتها القليلة والقليل من الدولارات- والتي كانت كل ما تملك، وذهبت إلى مؤتمر في بتسبرج في بنسلفانيا. كانت متأكدة من أن الله سيتولى أمرها ويسدد أعوازها كما فعل على الدوام من قبل. وقد فعل ذلك حقاً، فبعد وقت قصير وصلت إلى بروكلين في نيويورك في طريقها إلى مصر. وقد لحقت بها أختها "جيني". وأقنعها أحدهم أن تطلب وعداً من الرب ففتحت ليليان كتابها المقدس وقرأت ( أع 7: 34) "إني لقد رأيت مشقة شعبي الذين في مصر وسمعت أنينهم ونزلت لأنقذهم. فهلم الآن أرسلك إلى مصر
    نزلت الأختان في الإسكندرية، وسافرتا بالقطار إلى القاهرة، ثم بالمركب على نهر النيل إلى أسيوط، ورأت أنه أجمل مكان في العالم
    ولم تلبث أن واجهت اِحتياجات الأطفال الفقراء الذين لا مأوى لهم، المنبوذين الذين يرتدون الثياب البالية
    بداية الخدمة فى مصر .:

    وفي منتصف إحدى الليالي، طرق أحد الرجال بابها، كان يبحث عن شخص يأتي ليصلي مع امرأة تحتضر. فأخذت ليليان معها من يترجم لها ورافقت الرجل دون أن تكون لديها أية فكرة عما ستجده هناك. قد ارتعبت عندما اكتشفت وجود طفلة عمرها ثلاثة أشهر تحاول أن تشرب لبناً أخضر اللون متخثراً من وعاء من الصفيح، وقد التصقت ثيابها بجسدها وبدا أنها لم تتغير منذ مولدها، ورائحتها النتنة لا تطاق. وصلت ليليان، وعند موت المرأة سلمت الطفلة إلى ليليان، التي اصطحبت الطفلة معها إلى الملجأ. وتبادلت الأختان أرجحة الطفلة ومحاولة أعطائها بعض اللبن.
    ولقد حاولت الأختان أن تعتنيا بالصغيرة طوال إثني عشر يوماً وليلة، والطفلة تعوي باستمرار، وكان مما لا يصدق أن طفلة سيئة التغذية، تستطيع أن تصرخ صراخاً عالياً بهذه الصورة. وسرعان ما فرغ صبر الخادمات و من يعشن معها بدار الارسالية ، وأمر رئيس الإرسالية ليليان أن تعيد الطفلة إلى مكانها.
    أول تجربة فى طريق الخدمة.:

    ولكن إلى من تعيد ليليان الطفلة؟ لقد جاءت لكي تعمل حسب نظام الإرسالية المعهود الذي كان يحتم على المرأة غير المتزوجة أن تخضع لقادتها من الرجال، فالمرسل المحنك يعرف الأفضل.
    قررت ليليان أن تأخذ الطفلة لتقيم معها. وقد تعجب رئيسها كيف يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها! امرأة أمريكية غير متزوجة في عالم عربي! لقد شعر بأنها إما أن تُقتل أو تتضور جوعاً حتى الموت.
    وضعت كل ثقتها في الله عرفت ليليان أنها لن تكون وحيدة، لأن الله سيكون معها. واستطاعت بالستين دولاراً التي بقيت معها من مصاريف السفر، استأجرت بيتاً صغيراً، واشترت موقد كيروسين للطبخ، وبعض الأثاث. ولم يعد معها أي نقود، وقد انتهت معونة مجلس إرساليتها ولكن كانت لها ثقة في الله.
    أصبحت ليليان وحيدة الآن؛ لأن أختها قد عادت إلى لونج بيتش في كاليفورنيا، ولم ترجع إلى مصر على مدى سنوات عديدة. وحيث أنه لم يكن لليليان مورد رزق، ابتدأت تستعطي. وكان أول عطاء لها نحو ثلث دولار، كان يكفي لشراء طعام لذلك اليوم
    ليليان تستعطى من أجل الاطفال.:

    وتجولت على حمار لتستعطي مالاً، وفي أحيان كثيرة كانوا يعطونها أطفالاً عوضاً عن المال، وكان رجال الحكومة يندهشون لأن أحداً لم يزعجها أو يؤذيها. وقد وبخها حاكم المدينة لركوبها الحمار، لأنه أمر محتقر لشابة جميلة. فقالت له ليليان إن الحمار قد ركبته أم ربها، فهو بكل تأكيد يصلح لها أيضاً، فأصبحت تُعرف باسم "السيدة راكبة الحمار".
    وعندما نما الملجأ كانت ليليان تصرف وقتاً أطول في التفكير في الوجبة التالية، ولكن كان يصلها على الدوام إما الطعام أو المال.
    ومراراً كثيرة في ترحالها، لم تكن تستطيع العودة إلى الملجأ في الليل. وإذا لم يقدم لها أحد مكاناً مأموناً للمبيت، كانت تذهب إلى أقرب مركز للبوليس وتصرف الليل مع حمارها في السجن. ولم يكن المصريون يصدقون مدى عزيمتها وك

    اقرأ أيضاً

    3e8d5b1c28105fa9472c9c7e8e8b2adb.jpg
    خادمة الفقراء والأيتام ليليان تراشر