الجمعة 29 مارس 2024 01:01 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    دار الأوبرا الخديوية

    مصر وناسها

    دار الاوبرا الخديوية أو دار الأوبرا الملكية افتتحت الدار في 1 نوفمبر 1869 وشابها حريق كبير في 28 أكتوبر 1971، واعتبرت أول دار أوبرا في أفريقيا والشرق الأوسط.

    بنيت دار الأوبرا بأمر من الخديوي إسماعيل للاحتفال بافتتاح قناة السويس وقام المعماريان «بيترو أفوسكاني» (من ليفورنو) و«روتسيي» بتصميم مبني الأوبرا. وقد صنعت من الخشب وكانت تسع 850 مقعدا. أما موقعها فكان بين منطقة الأزبكية وميدان الإسماعيلية (ميدان التحرير حاليا)

    وقبل أن يتم البناء كان العاهل العظيم قد شرع يهيئ لداره الجديدة تراثا فنيا خالصا يشير أول ما يشير إلى ماضي مصر المجيد، فقد طلب مارييت باشا من الخديوي اختيار قصة من صفحات التاريخ المصري القديم تصلح نواة مسرحية شعرية، و قد قام بنظم شعرها الشاعر الإيطالي جيالا نزوق وعهد الخديوي إسماعيل إلى الموسيقار فيردى بوضع موسيقاها الرفيعة، فكانت الأوبرا الخالدة "عايدة" بموضوعها الوطني المصري وأغانيها الجياشة وموسيقاها الرائعة من نتاج العبقريات الثلاث

    استغرق بناء الأوبرا 6 أشهر، و افتتاحها حضره الخديوى إسماعيل والإمبراطورة أوجينى زوجة نابليون الثالث وملك النمسا وولى عهد بروسيا ، وكان هناك مكان مخصص للشخصيات الهامة واتسمت تلك الدار بالعظمة والفخامة.

    في ساعات الصباح الباكر من يوم 28 أكتوبر 1971، احترقت دار الأوبرا عن آخرها. ودمر المبني المصمم من الخشب، في حين لم ينجَ من الحريق سوى تمثالان من تصميم محمد حسن.

    بعد أن دمرت دار الأوبرا الأصلية، ظلت القاهرة بدون دار للأوبرا قرابة العقدين من الزمن، إلى أن تم افتتاح دار أوبرا القاهرة في 1988.

    موقع دار الأوبرا القديمة لا زال موجودا، إلا أنه قد تم بناء جراج متعدد الطوابق للسيارات لكن الميدان الذي كانت الأوبرا تطل عليه لا زال يحتفظ باسمه القديم (ميدان الأوبرا).

    مراحل عاشتها دار الأوبرا الخديوية

    "المرحلة الأولى"

    خلال تلك المرحلة وهى فى حالة انتعاش، استطاعت أن ترسخ وجودها بين أهم دور الأوبرا فى العواصم والمدن الكبرى سواء بافتتاحها المبهر ثم عرض "عايدة" لاول مرة فى العالم على مسرحها ثم الانطلاق فى مواسم سنوية لامعة سواء فى حجمها أو فى مستوى الفنانين المشتركين فى عروضها.

    "المرحلة الثانية" 1877ــ1884

    تعثرت الدار فى هذه المرحلة من مسيرتها فى أواخر حكم الخديوى إسماعيل، ولم تلبث أن توقفت أنشطتها فى عام 1877م، لدرجة أن مديرها "دارنيت بك" تركها قبل رحيل الخديوى بعامين، ليتولى الفنان المصرى "ليوبولد لاروز" شئونها الفنية، وتغلق الدار أبوابها مع مجىء توفيق وفى أذياله الاحتلال البريطانى لمصر.

    "المرحلة الثالثة" ــ 1884ــ1914

    بدأت فى تلك المرحلة حالة من الانتعاش تعود بشكل تدريجى، إذ قامت عروضها فى معظمها على حفلات الجمعيات والهيئات الخيرية، والقليل من الفرق الصغيرة الوافدة من إيطاليا، وتركيا، واليونان.

    وقدم العروض فى تلك المرحلة أسماء العربية وهم "أحمد أفندى أبوخليل القبانى، وعبده أفندى الحامولى فى موسم من اثنتى عشرة حفلة، ثم فرقة بنكليان التركية، وبعدها فرقة يوسف خياط"، أما من الفرق الأجنبية "بونى وزوكينو للأوبريت".

    وفى عام 1886 نجد الشيخ سعيد الدسوقى وفرقة إسبانية، وفى العام التالى الشيخ الدسوقى بدر فى موسمين متتاليين، قدمت فرقة قرداحى موسما، امتد طوال شهر مارس تقريبا فى عام 1887، بعد حفلات موسم فرقة الأوبريت بونى وزوكينو.

    كما زارتها سارة برنار، الممثلة المسرحية التى ذاع صيتها في أوروبا في أوائل السبعينيات من القرن التاسع عشر، كانت أبرز بداية لعودة الفرق الأجنبية فى إطار المواسم التقليدية الكبيرة، وكانت ذات تاريخ وعراقة فى المسرح الفرنسى، وامتد موسمها لمدة شهر فى عام 1888 إلى منتصف يناير.

    وبعد ذلك تم تقديم العديد من الحفلات على يد فرق عالمية إلى أن رحل فيردى، وفى 2 أبريل فى عام 1901 أقيم بالدار حفل تأبين للفنان الكبير: فيردى وقدمت فى الحفل أوبرا ريجوليتو التى بدأت صفحة العلاقات العملية بينه وبين أوبرا القاهرة.

    لتبدأ الأوبرا مرحلة انتعاش جديدة على يد توسكا لبوتشينى عندما قدم الأوبرا الحديثة خلال بداية القرن العشرين وبالتحديد عام 1901 والتى أعادت إلى الأذهان مواسم الدار فى عهد الخديوى اسماعيل.

    كان موسم الخريف من عام 1913م هو آخر مواسم الأوبرا قبل الحرب العالمية الأولى، قدمت فيه فرقة «باروش» ستين حفلة من الأعمال الإيطالية والفرنسية، ومن روائع فاجنر تريستان وايز ولده وتانهويزر وسالومى لريتشارد شتراوس. وامتد الموسم حتى ربيع العام التالى 1914، وتخلل الموسم حفل لفرقة كورال برلين.

    "المرحلة الرابعة" ــ 1914ــ1919

    توقفت وفود الأوبرا من أوروبا طوال فترة الحرب العالمية الأولى، واقتصر نشاط الدور على الجهود المحلية، إلى جانب عروض فرقة جورج أبيض التى قدمت: "مكبث، الملك يلهو، الماريونت، مدام سان جين"، بينما قدمت فرقة سلامة حجازى آخر مواسمها نظرا لوفاته فى أكتوبر 1917، وشمل الموسم من أعماله: "غرائب الأسرار، شيخ العائلات، اليتيمتان"، وقدمت فرقة أولاد عكاشة بعض حفلاتها.

    هذه الفترة شهدت أكثر من غيرها أولى تجارب المسرح الغنائى المصرى عندما استحدث سيد درويش روائعه من الأوبريت والتى انتقل بها خلال ربع قرن من عالم الطرب إلى عالم المسرح الغنائى.

    "المرحلة الخامسة" ــ 1919ــ1930

    مع انتهاء سنوات الحرب وتوابعها، بدأت بدار الأوبرا سلسلة من القمم فى مواسم سنوية طويلة بدأ أولها فى ديسمبر عام 1919، وقدمت فيه فرقة "دلفينو لنيانى" روائع الأوبرات والأوبريت والباليه فى ثمانين حفلة وثلاث حفلات سيمفونية وحفلتين لعازف الفيولينه "سيراتو" الذى سبق له تقديم حفلاته بالدار فى عام 1905.

    وفى أول مايو عام 1920 شهدت دار الأوبرا حدثا يهم مصر كلها، وهو انعقاد مؤتمر خاص عن إنشاء بنك مصر، والذى أضاف به طلعت حرب إلى انجازاته الاقتصادية العملاقة فى البلاد إقامة مسرح الأزبكية ثم ستوديو مصر، إيمانا منه بدور الفن فى صنع البشر.

    وظلت دار الأوبرا الخديوية فى تقديم رسالتها الفنية الراقية حتى احترقت فى 28 أكتوبر عام 1971 بعد أن ظلت منارة ثقافية لمدة 102 عاما، ولم يتبق منها سوى تمثالي "الرخاء" و"نهضة الفنون" وهما من عمل الفنان محمد حسن، وعدد من الكراسى.

    41cf211d8eb70bf0f8b54111a2e9fa6d.jpg
    دار الأوبرا الخديوي