هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء؟.. دراسة تثير الجدل


كشفت دراسة حديثة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتفوق في بعض الجوانب على الأطباء البشريين عند التعامل مع الحالات الطبية المعقدة، مما يفتح الباب أمام تعاون أوسع بين الإنسان والآلة في مجال الرعاية الصحية، لكن يبقى السؤال المهم.. هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء؟
وأشارت "شبكة رؤية الإخباررية" إلى الدراسة، التي نُشرت على موقع “News Medical”، وقارن فيها الباحثون أداء نماذج الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا نظام GPT-4 من OpenAI، مع مجموعة من الأطباء المختصين في التعامل مع حالات مرضية واقعية ومعقدة تتطلب التشخيص الدقيق واتخاذ قرارات علاجية حاسمة، وأظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي لم يكن فقط قادرًا على إعطاء إجابات دقيقة، بل تجاوز أداء بعض الأطباء في معايير مثل دقة التشخيص، وسرعة التفاعل، والقدرة على التحليل المنطقي للبيانات الطبية.
الذكاء الاصطناعي مقابل الأطباء
الدراسة ركزت على تقييم الذكاء الاصطناعي والأطباء باستخدام 20 حالة طبية معقدة مستندة إلى تقارير حقيقية تم سحبها من قاعدة بيانات تعليمية طبية تُستخدم في تدريب الطلاب في جامعة هارفارد، طُلب من كل طرف، الذكاء الاصطناعي والأطباء، تحليل كل حالة وتقديم التشخيص الصحيح، بالإضافة إلى شرح خطوات التفكير التي أدت إلى هذا التشخيص، كما تم تقييم جودة التواصل وشرح القرار للمريض.
شارك في هذه الدراسة 21 طبيبًا، جميعهم من خلفيات أكاديمية ومهنية متنوعة، ما بين أطباء مقيمين وأطباء مختصين في مجالات الطب الباطني والطوارئ.
تفوق واضح للذكاء الاصطناعي في بعض الجوانب
أظهرت نتائج الدراسة أن نموذج GPT-4 قدم استجابات دقيقة في 59% من الحالات، مقارنة بـ33% فقط لدى الأطباء المشاركين، كما قيّم المحكمون المستقلون (وهم أطباء ذوو خبرة عالية) جودة الاستجابات بناءً على الدقة والوضوح وسلامة التفكير السريري، ومن المثير للاهتمام أن الذكاء الاصطناعي حصل على تقييم “أفضل” في 28 من أصل 40 سؤالًا مقارنة بالأطباء.
ورغم هذا التفوق الملحوظ، لم تهدف الدراسة إلى استبدال الأطباء، بل إلى تسليط الضوء على الإمكانات الهائلة التي يمكن أن يوفرها التعاون بين الأطباء والذكاء الاصطناعي. حيث أشار الباحثون إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك السياق العاطفي والخبرة السريرية التي يمتلكها الأطباء البشريون، لكنه يمكن أن يكون أداة مساعدة فعالة.
تحديات وتوصيات مستقبلية
أحد أبرز التحديات التي سلطت الدراسة الضوء عليها هو مسألة “الوثوقية”، ورغم دقة استجابات الذكاء الاصطناعي في كثير من الحالات، إلا أنه يمكن أن يقدم إجابات خاطئة إذا تم تغذيته بمعلومات ناقصة أو مُضللة، وهو ما يجعل الإشراف البشري ضروريًا في كل الأحوال.
كما دعا الباحثون إلى ضرورة إجراء المزيد من الدراسات في بيئات سريرية حقيقية، مع إدماج الذكاء الاصطناعي في فرق الرعاية الصحية بشكل مدروس وتدريجي، لتحديد أفضل السبل التي يمكن من خلالها تعزيز النتائج الصحية دون الإضرار بالعلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض.
مستقبل الطب.. شراكة لا منافسة
الدراسة تفتح آفاقًا جديدة لفهم الدور الحقيقي الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الرعاية الصحية، وبدلًا من اعتباره تهديدًا لمهنة الطب، يمكن النظر إليه كشريك معرفي يعزز من كفاءة الأطباء ويخفف من أعبائهم، خصوصًا في الأنظمة الصحية التي تعاني من ضغط كبير ونقص في الكوادر.
وأخيرا تبرز هذه الدراسة الحاجة إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر شفافية وخاضعة للرقابة، بحيث تتيح استخدامها بشكل آمن وفعّال في مختلف مجالات الطب، من التشخيص إلى التخطيط العلاجي ومتابعة المرضى.