الأسرارالخفية التي لا يعرفها الكثير عن رفاعة الطهطاوي
كتب مجدي درويش مصر وناسهامما لاشك البعض قد سمع عن هذا الرجل، لكن الكثير من البعض لا يعرف هذا الرجل الحقيقة ودورنا، تسليط مزيد من الضوء على حياته، ونبذات من انجازاته المُبدعة، حيث أنه كان رجل مُبدع، وله بصمات وضائة كالشمس لا يُنكرها إلا جاحد او باغض، كما يمكننا أن نعتبره أحد رائدي التنوير في العصر الحديث تصحيح عن ما يسمى برواد النهضة المصرية .
كان الطهطاوي في كل أطوار حياته معلمًا ومربيًا بالفطرة، بدأ حياته شيخًا يلتف حوله طلبة الأزهر، وأنهى حياته معلمًا للأمة، لا يرى سبيلا لتقدمها إلا بالعلم يتاح لكل الناس لا فرق فيه بين غني وفقير أو ذكر وأنثى، وبذل من نفسه ما بذل من جهد لتحقيق هذا الغرض، ووضع الكتب والمؤلفات منها -:
{ تخليص الإبريز في تلخيص باريز – مناهج الألبان المصرية مباهج الآداب العصرية } .
نشأته :
ولد رفاعة الطهطاوي عام 1801 في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج بصعيد مصر، ونشأ من أسرة كريمة الأصل شريفة النسب، حيث والده ينتسب إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما، وأمه بنت الشيخ أحمدالفرغلي ينتهي نسبها إلي قبيلة الخزرج الأنصارية .
حفظ القرآن الكريم، وبعد أن توفي والده، إحتضنته أسرة أخواله ولاقى منها اهتماما كبيرا حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو .
ولما بلغ رفاعة السادسة عشرة من عمره التحق بالأزهر مُسلحاً بما سبق أن تعلمه على يد أخواله، الأمر الذي ساعده على مواصلة الدراسة مع زملائه الذين سبقوه في الالتحاق بالأزهر . وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتصوف والتفسير والنحو والصرف... وغير ذلك .
علماء أثروا في الطهطاوي:
وكان الشيخ رفاعة ممن لهم حظ موفق حيث تلقي العلم عن شيخه وأستاذه "حسن العطار" الذي كان الاخير له افكار متطورة سابقة عصره حين ذاك، وكان يكن إلى الطهطاوي محبة خاصة دون علي باقي تلاميذه، وانه كان يرى فيه كثير النبوغ المُبكّر، وتتلمذ أسيضاً على يد عدد من علماء الأزهر العظام، وكان من بينهم من تولى مشيخة الجامع الأزهر، مثل الشيخ حسن القويسني، وإبراهيم البيجوري، وحسن العطار، وكان هذا الأخير ممن وثق الطهطاوي صلته بهم ولازمهم وتأثر بهم .
وتميز الشيخ العطار عن أقرانه من علماء عصره بالنظر في العلوم الأخرى غير الشرعية واللغوية، كالتاريخ والجغرافيا والطب .
بداية الانطلاق :
اختاره «محمد علي باشا» ليكون إمامًا للبعثة العلمية المتجهة صوب فرنسا، بناء على توصية من أستاذه "حسن العطار" .
وذلك لحرص محمد على أن يذوب أعضاء البعثة في المجتمع الغربي، قرر أن يصحب البعثة ثلاثة من علماء الأزهر الشريف لكي يأموهم في الصلاة ويوعظوهم ويرشدوهم.
وقد كان رفاعة الطهطاوي واحدًا من العلماء الثلاثة .
وقد أصّر الطهطاوي على تعلم اللغة فور وصوله، فانكب على دراسة اللغة الفرنسية حتى قررت إدارة البعثة إدراجه ضمن طلبة البعثة وتخصص في دراسة اللغة. وقد تميز ونبغ نبوغًا كبيرًا، حتى لأنه قد ترجم حوالي اثني عشر عملًا من الفرنسية للعربية، كما أّلف كتابه المشهور تلخيص في باريز .
عودته من باريس :
عاد رفاعة مع البعثة المصرية، وقد حظي رفاعة الطهطاوي بمقابلة الوالي محمد علي في القاهرة، وأول الوظائف التي تولاها رفاعة فور رجوعه مع البعثه هي العمل كمترجم في مدرسة الطب .
كان أول مصري يعمل في هذا المكان منذ وجوده .
فعمل هناك عامين، قدّم فيهم العديد من الرسائل الطبية المترجمة، كما راجع ترجمة بعض الكتب .
الطهطاوي يعمل بالجيش المصري :
انتقل الطهطاوي إلى المدرسة الطوبجية (المدفعية) ليعمل هناك مترجمًا للعلوم الهندسية والفنون العسكرية، ولما اجتاح الطاعون القاهرة عام 1834م، غادر رفاعة إلى مدينته الأم طهطا، ومكث هناك ستة أشهر .
رفاعة الطهطاوي رائد التنوير في العصر الحديث :
من المعروف أن هو الشيخ رفاعة الطهطاوي بوصف الحياة الغربية عمومًا والفرنسية خصوصًا في كتابه القيّم"تخليص الإبريز في تلخيص باريز" وكان يدعو إلى أن نحزو حزوهم، ونطبق المدنية، ولكن ما المدنية التي دعا إليها الشيخ رفاعة، وما الفرق بينها وبين المدنية التي يدعو إليها العلمانيون الآن..؟
ومن المعروف أن العلمانيين قاموا باستبدال مصطلح الدولة المدنية بالدولة العلمانية; وذلك لما أصاب الناس-عوامَّهم وخواصَّهم، من اشمئزاز ونفور عند ذكر مصطلح الدولة العلمانية، فاستبدلوا بها الدولة المدنية، ولكن هل هي ذاتُ الدولة المدنية التي دعا إليها الشيخ رفاعة الطهطاوي؟ .
"فصل الدين عن الدولة " هذا هو شعار الدولة المدنية، أو دعنا نسميها باسمها الصحيح الدولة العلمانية، فالدولة العلمانية لا وجود فيها للدين سوى في دور العبادة، أما خارج ذلك فلا وجود له، ومقياس الحُسْن والقُبْح في دولة العلمانيين هو مقياس العقل والعلم فقط ولا دخل للدين فيه
أما المدنية التي دعا إليها الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي فقد قسَّمها إلى قسمين:مدنية معنوية ومدنية مادية، فالمدنية المعنوية قوامها الدين، والمدنية المادية قوامها العلم،وجعل كذلك علامات التمدن ودلائل العظمة تقوم على ثلاثة ركائز هي: حسن الإدارة الملكية (السلطة السياسية)، والسياسة العسكرية (القوة التي تحمي الدول وتحفظ لها سيادتها)، ومعرفة الألوهية(الدين الذي ينظم حياة الناس على أسس من العدل والشورى)، فهنا جعل الشيخُ رفاعة الدينَ ركيزةً أساسية من ركائز الدولة المدنية .
لكن قد يقول قائل "إن هذا لا يتنافى مع الدولة العلمانية، فالدولة العلمانية تتيح لكل إنسان كائنًا ما كان أن يتمسك بقيم ومبادئ دينه،إذن فلا تعارض بين المدنيتين" نرد عليه بأن مقياس الحُسْن والقُبْح في الدولة العلمانية هو مقياس العلم والعقل فقط، ولكن عند الشيخ رفاعة جعل مقياسهما الحلالَ والحرامَ الشرعيَّين حيث قال "فتمدن الممالك الإسلامية مؤسس على التحليل والتحريم الشرعيين، دون مدخل للعقل تحسينًا وتقبيحًا في ذلك،حيث لا حَسَن ولا قبيح إلا بالشرع" .
من هنا يتضح الفرق الكبير بين المدنية التي دعا إليها الشيخ رفاعة الطهطاوي والتي قوامُها الدين، والمدنيةِ التي يدعو إليها العلمانيون الآن، وهناك فرقٌ آخر هو وضع المرأة في الدولتين.
الطهطاوي ومدرسة الألسن :
تقدم باقتراحه إلى محمد علي ونجح في إقناعه بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن، مدة الدراسة بها خمس سنوات .
أنشأ الطهطاوي أول مدرسة ألسن في القاهرة بعد محاولات منه لإقناع محمد علي بإنشاء هذه المدرسة .
وقد بذل فيها رفاعة جهدًا منقطع النظير، وحتى أنه كان يُدير المدرسة ويُدرس في بعض الأوقات، ويُحدد الكتب التي سيترجمها الطلبة ويُصلح ترجماتهم .
كان رفاعة الطهطاوي يأمل في إنشاء مدرسة عليا لتعليم اللغات الأجنبية، وإعداد طبقة من المترجمين المجيدين يقومون بترجمة ما تنتفع به الدولة من كتب الغرب، سنوات، قد تزاد إلى ست، وتولى رفاعة الطهطاوي نظارتها، وكان رفاعة الطهطاوي يقوم إلى جانب إدارته الفنية للمدرسة باختيار الكتب التي يترجمها تلاميذ المدرسة، ومراجعتها وإصلاح ترجمتها .
وكانت تضم في أول أمرها فصولاً لتدريس اللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والتركية والفارسية، إلى جانب الهندسة والجبر والتاريخ والجغرافيا والشريعة الإسلامية .
بذل رفاعة جهدًا عظيمًا في إدارته للمدرسة، وكان يعمل فيها عمل أصحاب الرسالات ولا يتقيد بالمواعيد المحددة للدراسة، وربما استمر في درسه ثلاث ساعات أو أربعا دون توقف واقفًا على قدميه دون ملل أو تعب يشرح لهم الأدب والشرائع الإسلامية والغربية. وقد تخرجت الدفعة الأولى في المدرسة سنة (1839م) وكان عددها عشرين خريجًا، وكانت مترجمات هؤلاء الخريجين قد طبعت أو في طريقها إلى الطبع .
وقد اتسعت مدرسة الألسن، فضمت قسمًا لدراسة الإدارة الملكية العمومية لإعداد الموظفين اللازمين للعمل بالإدارة الحكومية، وقسمًا آخر لدراسة الإدارة الزراعية الخصوصية بعد ذلك بعامين، كما ضمت قسمًا أنشئ مدرسة الشريعة الإسلامية على مذهب أبي حنيفة النعمان لإعداد القضاة، إلى أن أصبحت بذلك مدرسة الألسن أشبه ما تكون بجامعة تضم كليات الآداب والحقوق والتجارة .
إغلاق و نفي :
ظلت المدرسة خمسة عشر عامًا، كانت خلالها مشعلاً للعلم، ومنارة للمعرفة، ومكانًا لالتقاء الثقافتين العربية والغربية، إلى أن عصفت بها يد الحاكم الجديد عباس الأول، فقام بإغلاقها لعدم رضاه عن سياسة جده محمد علي وعمه إبراهيم باشا وذلك في سنة (1849م)، كما أمر بإرسال رفاعة إلى السودان بحجة توليه نظارة مدرسة ابتدائية يقوم بإنشائها هناك، فتلقى رفاعة الأمر بجلد وصبر، وذهب إلى هناك، وظل هناك فترة دون عمل استغلها في ترجمة رواية فرنسية شهيرة بعنوان “مغامرات تلماك”، ثم قام بإنشاء المدرسة الابتدائية، وكان عدد المنتظمين بها نحو أربعين تلميذًا، ولم يستنكف المربي الكبير أن يدير هذه المدرسة الصغيرة، ويتعهد نجباءها برعاية خاصة .
ولكن وبعد أربعة أعوام من النفي، عاد رفاعة بعد وفاة عباس الأول بأنشط مما كان، فأنشأ مكاتب محو الأمية لنشر العلم بين الناس وعاود عمله في الترجمة "المعاصرة" ودفع مطبعة بولاق لنشر أمهات كتب التراث العربي "الأصالة .
وأسندت إليه في عهد الوالي الجديد “سعيد باشا” عدة مناصب تربوية، فتولى نظارة المدرسة الحربية التي أنشأها سعيد لتخريج ضباط أركان حرب الجيش، وقد عنى بها الطهطاوي عناية خاصة، وجعل دراسة اللغة العربية بها إجبارية على جميع الطلبة، وأعطى لهم حرية اختيار أجدى اللغتين الشرقيتين، التركية أو الفارسية، وإحدى اللغات الأوربية، الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، ثم أنشأ بها فرقة خاصة لدراسة المحاسبة، وقلمًا للترجمة برئاسة تلميذه وكاتب سيرته صالح مجدي، وأصبحت المدرسة الحربية قريبة الشبه بما كانت عليه مدرسة الألسن .
إحياء التراث الإسلامي :
وكان الطهطاوي أول من سعى إلى إنجاز أول مشروع لإحياء التراث العربي الإسلامي، فنجح في إقناع الحكومة بطبع العديد من أمهات الكتب، مثل: «تفسير مفاتيح الغيب» للفخر الرازي، و«معاهد التنصيص على شواهد التلخيص» في البلاغة، و«خزانة الأدب» للبغدادي، ومقامات الحريري، وغيرها من أمهات كتبنا العربية، والتي لم تكن متوافرة في ذلك العصر .
رأى الطهطاوي أن القيمة العليا في الحضارة العربية والإسلامية تكمن في العدالة، ومن هنا كانت نظرته إلى المرأة في العالم الإسلامي والتي اعتبرها حاضنة الحضارة ومستودع فضائل الأمة، فكان يقول عنها، «إن مقياس تمدن الأمم هو درجة احترامها للمرأة، فكلما كانت الأمة متقدمة زاد احترامها للمرأة والعكس بالعكس»، وقد نادى بأهمية تعلم المرأة في كتابه "المرشد الأمين لتعليم البنات والبنين" .
في دراسة بعنوان «التاريخ والعلم في جدال الحداثة في مصر في القرن التاسع عشر»، كتب الدكتور محمد عبد الوهاب جلال أن القرن التاسع عشر شهد تعاقب ثلاثة أجيال من الأزهريين الإصلاحيين أهم رموزها على الترتيب رفاعة الطهطاوي، وعبد الله فكري، ومحمد عبده. وقد عملوا جميعاً في المؤسسات «الحديثة» للدولة مثل المدارس والإدارة والصحف والقضاء .
وشاركوا في محاولة إزالة العقبات التي اعترضت العلم الجديد، الذي كان من أهم أدوات الدولة «الحديثة» .
ومن أجل ذلك استخدموا رصيدهم الديني، من علم ومكانة وانتماء للأزهر، في صياغة خطاب توفيقي بين العلم والدين. وكان التاريخ أحد مكونات ذلك الخطاب، لكن بدرجات متفاوتة جسدت كل منها الحالة الفكرية للمرحلة ..
المصرية علاقة الشيخ رفاعة الطهطاوي بالآثار المصرية :
فهي علاقة وثيقة، نؤكدها هنا من خلال السطور التالية، أنه وبالرغم من أن تهريب الآثار المصرية للخارج موضوع قديم، إلا أن التشريعات المرتبطة به جاءت مع وجود رفاعة الطهطاوي، فمع تولي محمد علي حكم مصر؛ بدأ في وضع تشريعات وقوانين من أجل حمايتها ومنع تهريبها؛ قام بإصدار مرسوم يحظر تماماً تصدير جميع الآثار المصرية أو الاتجار بها، وشمل المرسوم إنشاء مبنى بحديقة الأزبكية بالقاهرة واستخدامه كدار لحفظ الآثار القيمة .
وتوجد وثيقة هامة تعود لعصر محمد على أيضا، متعلقة بصيانة الآثار وحفظها، وهى بخصوص تقرير مقدم من (يوسف ضيا أفندي) المأمور بتفتيش (الأنتيقة) مكتوبة بالقاف هكذا، ويتضح من مسمى (الأنتيقة) أنها هي وظيفة مفتش الاثار حاليا .
أهمية الوثيقة؛ أنها تكشف دور مسئولي الآثار ومجهودات الدولة حينها لمنع التنقيب عن الآثار وهدم المباني القديمة، وعدم السماح ببيع الأشياء الأثرية التي وجدت فى حفائر البيوت والمناطق الأثرية، حيث كان من المعتاد بيع تلك الآثار لقناصل الدول الأجنبية .
الشيخ (رفاعة الطهطاوي)، كان وقتها من مسؤولي الآثار بمصر مع يوسف ضيا افندي، شملت الوثيقة التنبيه على جمارك القصير والسويس ودمياط وإسكندرية وبولاق ومصر القديمة، بظبط أى (أنتيقات) تهرب وتسليمها إلى الديوان الخديوي، حتى تسلم إلى (الشيخ رفاعة) ويوسف ضيا، وهكذا كشفت الوثيقة أن الشيخ رفاعة الطهطاوي كان (مفتش آثار) .
ثم أصدر مرسوما آخر في نفس العام لإنشاء متحف للآثار، وسماه «متحف الأزبكية» ، وأسند مهمة الإشراف عليه إلى الشيخ رفاعة الطهطاوي، الذي نجح في إصدار قرار بمنع تجارة الآثار وتهريبها إلى خارج مصر، لكن بوفاة محمد على عام 1849 عادت الأمور مرة أخرى إلى عهدها الأول .
رفاعة الصحافي :
حين عهد إلى الطهطاوي إصدار مجلة روضة المدارس :
جعل منها منارة لتعليم الأمة ونشر الثقافة بين أبنائها، فقد نظمها أقسامًا، وجعل على رأس كل قسم واحدًا من كبار العلماء من أمثال عبد الله فكري الأديب الكبير، وإسماعيل الفلكي العالم الرياضي والفلكي، ومحمد باشا قدري القانوني الضليع، وصالح مجدي، والشيخ حسونة النواوي الفقيه الحنفي المعروف، وغيرهم .
مجلة روضة المدارس :
كانت تنشر مقالات تاريخية وجغرافية واجتماعية وصحية وأدبية وقصصا وأشعارا، كما كانت تنشر ملخصًا لكثير من الدروس التي كانت تلقى بمدرسة "دار العلوم" .
واعتادت المجلة أن تلحق بأعدادها كتبًا ألفت لها على أجزاء توزع مع كل عدد من أعدادها بحيث تكون في النهاية كتابًا مستقلاً، فنشرت كتاب “آثار الأفكار ومنثور الأزهار” لعبد الله فكري، و”حقائق الأخبار في أوصاف البحار” لعلي مبارك، و”الصحة التامة والمنحة العامة” للدكتور محمد بدر، و”القول السديد في الاجتهاد والتجديد” للطهطاوي .
الوقائع أول صحيفة مصرية :
وقد اقتضت نهضة مِصر مع رفاعة الطهطاوي في عهد محمد علي إصدار هذه الصّحيفة، وإنشاء مطبعة بولاق كأول مطبعة للحكومة المصريّة، واهتم الوالي محمد علي بالأخبار الداخليّة والخارجيّة وما تكتبه الصّحف العالميّة من معلومات وآراء، وأدرك أنّ نهضة مصر لن تكون إلاّ بدعم الصّحافة، وكانت هذه الصّحيفة منبراً لمُفكِّري مصر، ومعرضاً لأقلامهم وبحوثهم، كما رسم لها خطّة التّوزيع ليضمن لها القوّة والانتشار، آملاً أن ينجح بتحقيق آماله فيها كما نجح الغرب .
ومنذ عام 1911م أصبحت الوقائع الجريدة الرسميّة للحكومة المصريّة، وقد حَملت هذه الجريدة، ولا زالت، أهمّ الأحداث والقوانين والقرارات التي تُنظّم العمل داخل دولة مصر، ومن خلالها وصلت أهمّ المعلومات التاريخيّة .
لم تتميّز الوقائع بأنّها من أهمّ وأقدم الصحف الصّادرة في مصر خاصّةً، والشّرق الأوسط عامةً، بل كانت الأولى النّاطقة بالعربيّة، واحتضنت عدداً كبيراً من رُوّاد النّهضة والحركة الفكريّة، ولا تزال تَصدر حتّى هذا اليوم باعتبارها الجريدة الرسميّة للحكومة المصريّة .
توّلى رفاعة الطهطاويّ رئاسة التّحرير، وكان أهمّ إنجازاته جعل اللّغة العربيّة أساساً للجريدة، واللُّغة التُركيّة هي التّرجمة لمواضيعها، ممّا أدّى إلى تنوّع واختلاف المواد المنشورة .
أمّا في عهد الخديوي إسماعيل، الذي لم يهتمّ بالجريدة في بداية حكمه لكنّه أعاد تنظيمها بعد ذلك، بدأت الوقائع تُصدر برَسمٍ جديد، وأصبح قلمُها مُستقلّاً، وكان المُحرّر الأول لها بعد استقلالها الشّيخ أحمد عبد الرّحيم .
بلغت الوقائع عصرها الذهبيّ عند تولّي الشّيخ محمد عبده رئاستها؛ إذ أصبحت تصدُرُ يوميّاً عدا الجمعة، وأصبحت مُستقلّةً تماماً، وكان يحرص على أن يكون أسلوب الكتابة فيها عربيّاً صحيحاً، وأضاف لها نظام الإعلان أيضاً .
وفاة رفاعة الطهطاوي :
تاريخ الوفاة 27 مايو عام 1873م.