الجمعة 17 مايو 2024 03:04 مـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    فن وثقافة

    عبد الفتاح القصري أجبرته زوجته علي طلاقها وتزوجت في بيته

    مصر وناسها

    ولد القصري عام 1905 في حي الجمالية؛ لعائلة ثرية تعمل في تجارة الذهب؛ والتحق بمدارس الطبقة الراقية؛ مدارس الفرير الفرنسية. فكان يتقن اللغتين: الفرنسية والإنجليزية. ولكن لم يكن يشغله أمر التعليم ويريد أن يصبح ممثلا فلم يستكمل دراسته.. ورغم معارضة والده وتهديده إياه بالحرمان من الميراث؛ أصر القصري علي استكمال مشواره الفني..

    يرجع فضل اكتشافه لنجيب الريحاني؛ حيث أن القصري عمل أولا لجورج أبيض في مسرحية تراجيديه بعنوان: أوديب ملكا. كان دور القصري في المسرحية أن يقول للعراف: صه يا ابن الجحيم.. ولكن القصري أراد التجويد فرد بطريقته المميزة: وا حسرتاااه أنا تقول لي صه. فضحك الجمهور. ولكن جورج أبيض غضب وطرده. فرد عليه القصري: أن الجمهور يضحك؛ وهذا معناه النجاح. فانفعل عليه جورج وصفعه وطرده. ولما انتشر الخبر بحث عنه الريحاني وأسند له بعض الأدوار الصغيرة فأداها بمنتهي العبقرية. فأعطي له أدوارا أكبر بعد ذلك.. واشتهر وذاع صيته؛ حتي أنه كان يشارك في عشرة أفلام كل عام.

    وفي أحد أيام صيف عام 1962 وبينما كان يؤدي دوره علي خشبة المسرح؛ أمام رفيق عمره إسماعيل ياسين؛ فقد القصري بصره؛ وصار يصرخ مفزوعا: مش شايف.. مش شايف. نظري راح يا ناس.. بينما ظن الجمهور أن ما يحدث ضمن أحداث المسرحية فأخذت ضحكاتهم تتعالي وتتعالي.. وفي المستشفي اكتشفوا أنه فقد بصره بسبب ارتفاع كبير ومفاجئ في السكر.

    ومن هنا تبدأ مأساة الفنان الذي طالما أضحك الناس.. فقد أجبرته زوجته الشابة أن يطلقها؛ وسمحت له أن يعيش معها في نفس المنزل لترعاه في عماه ومرضه.. ولكنها قامت بالزواج من صبي البقال الذي كان يعطف عليه القصري أيام صحته وغناه. لأنه لم يرزق بالأبناء فكان يعتبر هذا الولد ابنه ويشفق عليه؛ حيث كان الولد يتيما؛ فأخذه إلي بيته وربّاه كأنه ابنه بالتبني.. وأجبرته زوجته القاسية أن يوقع شاهدا علي عقد الزواج. فأصابته حالة نفسية سيئة إلي الغاية؛ وتطورت بشكل خطير فأدت إلي تصلب في الشرايين وفقدان الذاكرة والهذيان..

    وبما تبقي من أموال القصري عاشت المرأة مع زوجها الشاب؛ حتي أنها باعت أثاث المنزل وتركته علي البلاط.. وأسكنته ببدروم المنزل وأخفته عن عيون الناس؛ وجوعته وعذبته؛ فكان يصرخ من خلف قضبان نافذة البدروم يستجدي المارة؛ فيضحك الأطفال ويطلبون منه ترديد مقولته الشهيرة: نورماندي تو. فلا يتذكر ولا يفهم ماذا يقصدون..

    وبعدها قامت البلدية بتشميع المنزل بالشمع الأحمر؛ تمهيدا لإزالته؛ فأصبح الفنان أسير الوحدة والمرض وبلا مأوي. وبعد تدخل بعضا من أصدقائه الفنانين؛ صرفت له نقابة الممثلين اعانة قدرها عشرون جنيها؛ وخصمت منها سبعة جنيها قيمة اشتراكات متأخرة علي الفنان.. وبمساعدة أيضا من زملائه تمكن من الحصول علي شقة إيجار بمنطقة الشرابية وفرشوها بقليل الأثاث.

    توفي القصري طريحا فراشه في مستشفي المنيرة في عام 1964 عن عمر 59 عاما. وفي جنازته بسيطة لم يكن فيها أكثر من أربعة رجال تم دفن الفنان الكبير.

    عبد الفتاح القصري الفن الفنانين زوجته قصة حيات القصري مصروناسها اخبار اليوم