خبير لـ”رؤية”: تحسن الاقتصاد الفعلي لمصر سبب تراجع الديون السيادية
سجلت تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية تراجعًا تاريخيًا هو الأدنى منذ قرابة ست سنوات، والذي جاء في وقت تتسم فيه الأسواق العالمية بحساسية مفرطة تجاه المخاطر السيادية.
وقال الخبير المصرفي ومحلل أسواق المال ريمون نبيل، إن هذا التطور لم يأتِ بمعزل عن تحولات اقتصادية ونقدية متراكمة، شملت تحسن تدفقات النقد الأجنبي، واستقرار سوق الصرف، وتراجع التضخم، إلى جانب تحسن نظرة المستثمرين للأدوات السيادية المصرية، مشيرا إلى أن الهبوط الحاد في تكلفة التأمين على الدين السيادي المصري أجل خمس سنوات إلى مستوى 2.9% بنهاية تعاملات الجمعة يعكس بالأساس تغيرًا جوهريًا في تقييم الأسواق العالمية لمستوى المخاطر المرتبطة بالاقتصاد المصري.
وأضاف نبيل، في تصريحات لـ"شبكة رؤية الإخبارية" أن هذا المستوى هو الأدنى منذ 24 فبراير 2020، ما يعني أن السوق أعادت تسعير المخاطر بعد فترة طويلة من الضغوط التي بلغت ذروتها في مايو 2023 عندما تجاوزت تكلفة التأمين 1998 نقطة.
وأوضح الخبير المصرفي أن هذا التراجع لا يمكن فصله عن تحسن عدد من المؤشرات الكلية في وقت واحد، وهو ما يمنحه وزنًا أكبر مقارنة بحالات الانخفاض المؤقتة التي كانت تحدث سابقًا بفعل تحركات قصيرة الأجل في الأسواق أو تدفقات استثنائية.
وحول ما إذا كان هذا الانخفاض يعكس تحسنًا مستدامًا، أكد نبيل أن جزءًا معتبرًا من التحسن يستند إلى عوامل هيكلية، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الاستدامة الكاملة ستظل مرهونة باستمرار هذه العوامل وعدم حدوث صدمات خارجية قوية.
ولفت إلى أن الفارق الجوهري هذه المرة هو أن التحسن لم يأتِ فقط من تدفقات مالية عابرة، بل من تحسن فعلي في قدرة الاقتصاد على توليد النقد الأجنبي.
وأوضح أن الأسواق باتت تنظر إلى مصر باعتبارها دولة قادرة على الوفاء بالتزاماتها قصيرة ومتوسطة الأجل، في ظل تحسن إدارة السيولة وتراجع الضغوط على ميزان المدفوعات، وهو ما انعكس مباشرة على تكلفة التأمين ضد مخاطر التعثر.
وأشار الخبير المصرفي إلى أن استقرار سعر الصرف لعب دورًا محوريًا في إعادة تقييم مخاطر الديون المصرية، موضحًا أن تراجع الدولار أمام الجنيه من مستويات تجاوزت 51.70 جنيهًا في أبريل الماضي إلى نحو 47.60 جنيهًا بنهاية تعاملات الخميس 11 ديسمبر، بعث برسالة واضحة للأسواق بشأن تراجع المخاطر النقدية.
وأضاف أن تباطؤ التضخم السنوي إلى 12.3% في نوفمبر 2025، مقارنة بـ12.5% في أكتوبر، يعكس بداية مرحلة من الانضباط السعري، وهو عامل أساسي في تقليص علاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون عند التعامل مع أدوات الدين السيادي، مؤكدًا أن الجمع بين استقرار الصرف وتباطؤ التضخم يُعد من أهم محددات الثقة في أي اقتصاد ناشئ.
وأوضح ريمون نبيل أن العامل الأكثر تأثيرًا في هذا التحسن يتمثل في عودة تدفقات النقد الأجنبي التقليدية بوتيرة قوية، وعلى رأسها تحويلات المصريين العاملين بالخارج، التي سجلت نحو 30.2 مليار دولار خلال أول تسعة أشهر، بزيادة تتجاوز 45% على أساس سنوي.
وأضاف أن إيرادات قناة السويس، رغم التحديات الجيوسياسية، بدأت تشهد تحسنًا تدريجيًا، إلى جانب ارتفاع ملحوظ في القدرات التصديرية للاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن تجاوز صافي احتياطي النقد الأجنبي حاجز 50 مليار دولار، بالتوازي مع تحول صافي أصول النقد الأجنبي للبنوك إلى فائض يزيد على 22 مليار دولار في أكتوبر بعد أن كان سالب 29 مليار دولار في يناير 2024، عزز من قدرة الدولة على امتصاص الصدمات.
ونوه الخبير المصرفي إلى أن التحسن الحالي لا يقتصر على أدوات الدين، بل يمتد إلى الاستثمار الأجنبي المباشر، مستشهدًا بصفقة “علم الروم” التي وفرت سيولة فورية بنحو 3.5 مليار دولار.
وأكد أن مثل هذه الصفقات تعكس تحولًا نوعيًا في نظرة المستثمرين لمصر كوجهة استثمار حقيقي وليس كمجرد سوق لعوائد مرتفعة قصيرة الأجل.
وأضاف أن هذه التدفقات ساهمت في تعزيز السيولة الدولارية وتقليل الضغوط على المالية العامة، وهو ما يدعم الموقف التفاوضي لمصر مع المؤسسات الدولية.
لفت ريمون نبيل إلى أن تصريحات رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي الأخيرة تعكس تفاؤلًا متزايدًا داخل بعثة صندوق النقد الدولي بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة، وهو ما يقرب مصر من صرف نحو 2.4 مليار دولار خلال مطلع العام 2026.
وأوضح أن هذا الدعم يعزز ثقة الأسواق في المسار الإصلاحي ويقلص من المخاطر المستقبلية.
وأشار إلى أن توقعات النمو التي أعلنتها الحكومة ووكالة فيتش، والتي تشير إلى نمو الاقتصاد بنحو 5.2% إلى 5.3%، تعكس تحسنًا حقيقيًا وليس نموًا قائمًا على عوامل موسمية.
وأكد نبيل أن التحسن الحالي لا يعني اختفاء المخاطر بالكامل، مشيرًا إلى أن أي صدمات خارجية حادة، أو تراجع في تدفقات النقد الأجنبي، أو تصاعد توترات جيوسياسية إقليمية، قد تعيد الضغوط على تكلفة التأمين السيادي.
وشدد على أن الحفاظ على هذا المسار الإيجابي يتطلب استمرار الانضباط المالي، وتعزيز الإنتاج والصادرات، وعدم الإفراط في الاعتماد على الأموال الساخنة.
وأكد أن المؤشرات الحالية إيجابية، لكنها تظل بحاجة إلى إدارة دقيقة لضمان تحويل هذا التحسن إلى حالة مستقرة ومستدامة على المدى المتوسط والطويل.








مرشح المحامين عن دائرة باب شرق الإسكندرية مصطفى محروس: خدمة زملائي أولاً”
مؤتمر اقتصادي مصري–إفريقي يرسخ شراكات جديدة بدعم البنك المركزي المصري
الإمارات تتصدر دول العالم في استخدا للذكاء الاصطناعي | إنفوجراف لـ”ماعت”
مستوى قياسي.. كيف تطور احتياطي النقد الأجنبي بالمركزي المصري في 2025| إنفوجراف...
محمد مجدي صالح امين حماة الوطن بالشيخ زايد مصر هي ضمير وقلب...
الخبير القانوني محمد مجدي صالح قرار الرئيس بإعادة قانون الإجراءات الجنائية للنواب...
محمد مجدي صالح حماة الوطن يغلب قضايا الوطن علي الدعاية ...
د محسن البطران حماة الوطن لا يهتم بالإفرط في الدعاية بقدر اهتمامه...