أفنان.. وزمن الميكافيليه


بقلم : شاهيناز عباس
لا تربي ولدك على المكايفلية (المصلحة) لأنك أول من ستصطلى بنارها لأنه مع الزمن ستتعارض مصلحته ومصلحتك.. واغرس فيه أن العلاقات تؤسس على القيم والمبادئ، يحب لله ويبغض لله ويعطى لله ويمنع لله.
قرأت أفنان هذه الكلمات المؤثرة وكأنها حروف عابرة قد تنساها بعد قليل لكن عندما أرادت الموائمة بين المباديء القويمة ومتطلبات الحياة اليومية تذكرتها وحاولت تطبيقها بصورة حقيقية.
الغاية تبرر الوسيلة
المبدأ الذي تبناه نيكولو مياكافيلي المفكر والفيلسوف والسياسي الإيطالي في القرن السادس عشر، حيث يعتقد أن صاحب الهدف باستطاعته أن يستخدم الوسيلة التي يريدها أيا كانت.
هذه الأفكار تتناقض مع مبادئ الإسلام التي تعطي الأولوية للأخلاق والعدل. المكيافيلية تؤكد على أهمية الحفاظ على السلطة وتوسيعها.. حتى لو كان ذلك يتطلب إجراءات مشكوك فيها أخلاقياً.... بينما الإسلام يؤكد على أهمية العدل والصدق والأخلاق الحسنة.
في مجال علم نفس الشخصية، تعتبر المكيافيلية سمة نفسية ترتكز على التلاعب بالآخرين، والفتور العاطفي، واللامبالاة بالأخلاق.
كتاب "الأمير" لميكيافيلي
يتضمّن كتاب “الأمير” نصائح حول كيف يحكم الأمير الحكيم لـ “الإمارة” (إقليمه أو دولته) حتي لو اتبع أساليب غير أخلاقية في الحكم، يعتمد مكيافيلي في الكتاب على أمثلة مُتنوّعة لتوضيح نقاطه.
يُركّز مكيافيلي في الأساس على الإمارات الجديدة (بخلاف الوراثية)، حيث يصعب الحفاظ عليها مدة طويلة. ففي الإمارة الوراثية، يتعودّون الناس على حُكم عائلة الأمير، ما يعني أنّه حتّى الأمير العادي يُمكنه عادةً الحفاظ على السُلطة ببساطة عن طريق عدم ارتكاب أخطاء كبيرة. أمّا في الإمارة الجديدة، فيتعيّن على الأمير التعامل مع:
الأعداء الذين أشعلهم خلال اكتسابه لتلك الإمارة.
الحلفاء الذين ساعدُوه على الوصول إلى السلطة، والذين يتوقّعون بعض المكافآت.
في مقابل هذا الكتاب نجد الحكم العطائيه والتي ترسي مباديء للأخلاق القويمة.
- كتاب "الحكم العطائية" للإمام ابن عطاء الله السكندري:
هو مجموعة من الحكم والأقوال التي تركها الإمام ابن عطاء الله السكندري، وهي مأخوذة من القرآن والسنة، وتتناول جوانب عديدة من التصوف والإيمان. يركز الكتاب على التوحيد وتزكية النفس والسلوك، ويحتوي على أقوال بليغة تعكس عمق المعاني الإيمانية والتصوفية.
يُساعد على تزكية النفس وترويضها، ويُقدم طريقًا إلى الله.
يحتوي الكتاب على أقوال جليلة ومواعظ شتى، وقد تداولها أهل العلم على مر العصور.
- بعض من الحكم التي يتناولها الكتاب:
"العلم النافع هو الذي ينبسط في الصدر شعاعه وينكشف عن القلب قناعه".
"خير علم ما كانت الخشية معه".
متى أطْلَقَ لسانَكَ بالطَّلبِ؛ فاعْلَمْ أنَّه يُريدُ أنْ يُعطيَكَ.
لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه، لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك فى وجود ذكره."ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا، أو يطلب منه غرضا، فإن المحب من يبذل لك".
ربما أعطاك فمنعك، و ربما منعك فأعطاك، و متى فتح لك باب الفهم في المنع صار المنع عين العطاء".
إذا وقع منك ذنب فلا يكن موجبا ليأسك من حصول الاستقامة مع ربك، فقد يكون ذلك آخر ذنب قدر عليك"
"لا يَكُنْ تأَخُّرُ أَمَدِ العَطاءِ مَعَ الإلْحاحِ في الدُّعاءِ مُوْجِباً لِيأْسِكَ. فَهُوَ ضَمِنَ لَكَ الإِجابةَ فيما يَخْتارُهُ لَكَ لا فيما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ. وَفي الوَقْتِ الَّذي يُريدُ لا فِي الوَقْتِ الَّذي تُريدُ."
الأبناء ثمرة الحياة .. علي ماذا نربيهم .. نظرية المادية والإنتفاع المتوائمة مع إيقاع الحياة العصرية.. أم مباديء الزهد والإبتعاد عن النفعية.
القناعة بما لديك والأكتفاء بالقليل
قال الغزالي رحمه الله: "الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه؛ فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له....وقال أيضاً: "وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملاً وإنما يكمل ويقوى بالنشوء والتربية بالغذاء، وكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال وإنما تكمل بالتربية وتهذيب الأخلاق والتغذية بالعلم
تعليم الابناء الثبات والتوازن الانفعالي فالإيمان بالله يشيع في القلب الطمأنينة والثبات والاتزان ويقي المسلم من عوامل القلق والخوف والاضطراب قال تعالى:” يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ “ “فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ “ “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ”.
وايصا الصبر عند الشدائد.... يربي الإسلام في المؤمن روح الصبر عند البلاء عندما يتذكر قوله تعالى: “وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له”.
نعم! إن النفس كما قال البوصيري كالطفل ينزع إلى ما يرغب بلا عقل ويصعب عليه ترك ما تعود عليه ولا يروض الطفل كما لا تروض النفس إلا بوسيلتين:
الأولى: هي استحضار العقاب في النفس فان هم إنسان بمعصية عليه أن يستحضر في نفسه عقاب الله سبحانه وتعالى كرفع العصا أمام الطفل كما مثلنا لذلك.
الثانية: هي إشباع النفس بما تهوى بما أحل الله لها كما مثلنا أيضا لذلك.
وإذا داخلتها الريبه والظنون في صحة معالم طريقها في التقويم علي النهج القويم.... ستقرأ أفنان هذه السطور وستبحث عن التوازن بين المعايير المجتمعية التي تتجاذبها من كل اتجاه..التوازن التربوي يساعد في بناء شخصية راقية كلها ثقة وأقتدار قادرة على العطاء في مختلف جوانب الحياة علميا وأخلاقيا ودينيا