الإثنين 13 مايو 2024 02:52 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    أخبار

    إسميك: تراثنا الفكري والديني منبعا غزيرا للغرب وكان الأسس الأولى لليبرالية

    حسن إسميك
    حسن إسميك

    قال الكاتب والمفكر حسن إسميك، إن الليبرالية فلسفة تتسم بالشمول، ومذهب سياسي يقوم على ثلاثة أركان أساسية هي: الحرية الفردية، ورضا المحكومين بحكّامهم، والمساواة التامة أمام القانون، مشيرا إلى أن الليبرالية بدأت تتمايز عن غيرها من الفلسفات وتستقل كعقيدة سياسية قائمة بذاتها في عصر التنوير، عندما أخذت أفكارها تنتشر بين الفلاسفة والاقتصاديين الغربيين، ولقد شكلت حينذاك انقلابا جذريا على السائد والموروث من المعتقدات والأفكار وحتى أنظمة الحكم، كنظام طبقة النبلاء –أو أي امتيازات وراثية مشابهة، ونظام الملكية المطلقة والحق الإلهي للملوك، وكل أشكال الاحتكارات في الاقتصاد والحواجز أمام التجارة.

    ولفت إلى تطوَّر مفهوم الليبرالية مع مرور الزمن، وانقسم إلى اتجاهات ومذاهب، فصار لدينا اليوم؛ ليبرالية اجتماعية وأخرى اقتصادية، وليبراليات إسلامية ومسيحية ويهودية، ليبرالية علمانية، وليبرالية اشتراكية، وليبرالية خضراء؛ قد تختلف هذه الشُعَب في التطبيق (حيث يؤكد التقليد الليبرالي البريطاني مثلاً على توسيع الديمقراطية، في حين ترفض الليبرالية الفرنسية ما تسميه "استبداد الأكثرية" وتركز على بناء الأمة)؛ لكنها تشترك جميعها في المبدأ، وهو الالتزام بحماية حرية الأشخاص في العيش والتفكير، كما يختارون دون تدخل من الدولة، بشرط ألا يلحقوا الأذى بالآخرين.

    تابع: من هذا الالتزام الأساس حاججت الليبرالية الكلاسيكية بالحرية الدينية وحرية الاعتقاد والتسامح، والتي جرى التعبير عنها أولاً في كتابات الفيلسوف الإنجليزي جون لوك الذي يُعدُّ أبا لهذه الليبرالية، حيث ساهم في بنائها كفلسفة مستقلة بناء على مفهوم العقد الاجتماعي، بحجة أن لكل إنسان حقاً طبيعياً في الحياة والحرية والملكية، ويجب ألا تنتهك الحكومات هذه الحقوق، بل عليها حمايتها وتوفير شروطها.

    ونوه بأن الليبرالية تثير في العالمين العربي والإسلامي لغطاً كبيراً، إذ يرى فيها البعض شراً مطلقاً ونقيضاً للدين والتدين، وأحياناً لمنظومة الأخلاق السائدة لدينا، بحجة أنها منتجٌ غربيٌ بحت، ونقله إلى بلادنا ليس إلا شكلاً جديداً من أشكال الاستبداد الغربي والهيمنة الثقافية ومحو الهوية.. ما يثير السخرية والاستغراب معاً أن أغلب هؤلاء لا يضيعون أية فرصة للسفر إلى هذا الغرب والتنعم بمزايا ليبراليته "الممقوتة" هذه!.

    اقرأ أيضاً

    وأوضح إسميك، أنه لا يخفي انحيازه لليبرالية، فمنذ قرأ عنها أول مرة شعر أن وجهات نظره والأفكار التي جالت كثيرا في خاطره موجودة على الورق، لكن بشكل منظم وممنهج وبطريقة أكثر أكاديمية وعلمية. تابع: "لذلك، ورغم أني لم أنتمِ يوماً إلى أي حزب ولم أتعصب لأية أيديولوجيا، أزعم أنني "ليبرالي بالفطرة". كيف لا والليبرالية، كفلسفة سياسية، تدافع عن العقل والحرية والمساواة، فهي تعني حماية الحريات الفردية والمدنية، وتعني سيادة القانون وتساوي الجميع أمامه، هذا في شقها الاجتماعي والسياسي، أما في شقها الاقتصادي فتعني حرية التجارة، ومنع الاحتكارات، وفتح الباب على مصراعيه أمام التنافس النزيه، والقادر وحده على تطوير الإنتاج، وكل ما يرتبط به من صناعات وتكنولوجيات، وخفض تكاليفه، وبالتالي سعره، بالنسبة للمستهلك. كيف لا والليبرالية هي عماد دولة الرفاه، وفيها تتمثل المهمة الرئيسة للحكومة بإزالة العقبات التي تمنع الأفراد من العيش بحرية، أو من استثمار قدراتهم بالشكل الكامل، هذه العقبات التي تشمل الفقر والمرض والتمييز والجهل، وغياب الأدوات والتطرف والانغلاق. لقد ابتكرت الليبرالية نظاماً يمنح الحكومة السلطة اللازمة لحماية الحرية الفردية، ولكنه يمنع أيضاً أولئك الذين يحكمون من إساءة استخدام تلك السلطة. كيف لا والليبرالية تضع كثيراً من قيم الإسلام موضع التنفيذ، ولا تفعل ذلك معظم الأنظمة السياسية العربية والمسلمة.

    أضاف أنه يخطئ من يرى أن في الليبرالية عداءً للأديان، خاصة الإسلام، إذ لا يخلو الإسلام من أفكار ليبرالية، ولا تخلو الليبرالية من قيم صاغها الإسلام وتبناها وما زال يدفع عنها ويشجع عليها، وسيبقى. وعندما "نُشَيطِنُ" الليبرالية، ونرفض تبنيها، رغم الفوائد التي ستجلبها لبلادنا ولشعوبنا، ودون البحث والتمحيص في طبيعتها وفي نقاط التشابه والتوافق والتقارب، بينها وبين الإسلام، فإننا نضيع برفضنا هذا فرصة كبيرة نتيجة لاستسلام البعض لـ "الكسل الفكري"، ولانغلاق البعض الآخر وراديكاليته ومحدودية رؤاه. مع العلم أن تراثنا الفكري والديني كان دائماً منبعاً غزيراً استقى منه الغرب الكثير من النظريات والنظم السياسية والاقتصادية، وكانت الأسس الأولى لليبرالية واحدة منها.

    حسن إسميك تهنئة المسيحيين