الثلاثاء 29 يوليو 2025 05:56 صـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    السبب الحقيقي وراء اشتعال الحرائق في الصيف.. من المسؤول؟

    مصر وناسها

    بقلم: محمود العربي

    عند كل حادث حريق كبير، لا تتأخر أصابع الاتهام في التوجه إلى المسؤولين التنفيذيين: مدير المصنع، مسؤول المخزن، موظف الكهرباء، أو حتى الموظف الإداري الذي لم يُجدد التوصيلات منذ سنوات. ولكن الحقيقة أن كثيرًا من هؤلاء قد يكونون ضحايا لمنتجات مغشوشة تم ضخها في السوق بمعرفة شبكات تصنيع وتوزيع غير شرعية.

    الحديث هنا عن مصانع "بير السلم"، التي باتت مركزًا خطيرًا لإنتاج كميات ضخمة من الكابلات والأسلاك المقلدة، والتي تُباع تحت أسماء تجارية معروفة مثل "السويدي" وغيرها، بينما هي في الأصل لا تخضع لأي مواصفات فنية أو رقابية.

    الكارثة تبدأ من المادة الأساسية في هذه الكابلات: النحاس. وبحسب تصريحات الأستاذ أحمد زكي، أمين عام شعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، فإن هذه الكابلات تعتمد على نحاس منخفض النقاء أو مخلوط بمعادن رديئة، ما يؤدي إلى ارتفاع المقاومة الكهربائية، وبالتالي زيادة الحرارة داخل الأسلاك عند تشغيلها، خاصة في ظل الأحمال الثقيلة خلال فصل الصيف.

    ولا يتوقف الأمر عند ذلك، فعمليات العزل التي تتم في هذه المصانع تتم بطريقة بدائية عبر "تسييح" البلاستيك بوسائل غير هندسية، مما ينتج عنه عزل غير متماسك لا يتحمل الضغط أو الحرارة، فينشأ ماس كهربائي يؤدي إلى حريق.

    وأشار أحمد زكي إلى أن هامش الربح في هذه الكابلات المغشوشة يصل إلى 30% مقارنة بـ 2% في الكابلات الأصلية، وهو ما يُغري الكثير من التجار والمقاولين بشرائها لتقليل التكاليف وتحقيق ربح أعلى، ولو على حساب الأرواح والمنشآت.

    ومع تزايد درجات الحرارة خلال الصيف، وتزايد الأحمال في المنازل والمؤسسات، تصبح هذه الكابلات قنابل موقوتة تؤدي إلى اشتعال حرائق ضخمة، خاصة في المباني الحكومية التي لم تُحدّث شبكات الكهرباء بها منذ سنوات.

    وفي النهاية، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا:
    من هو الجاني الحقيقي؟ هل هي مصانع بير السلم التي تغرق السوق بمنتجات رديئة ومقلدة؟ أم هو المسؤول الذي وافق دون تدقيق على شراء كابلات أرخص ثمنًا؟
    وربما يكون هذا المسؤول أيضًا ضحية تضليل ولم يعلم أن ما اشتراه غير مطابق للمواصفات.

    وهنا نحتاج إلى إعادة النظر في سلاسل التوريد، وتفعيل رقابة صارمة، وإصدار تشريعات تُجرم تصنيع وتوزيع المنتجات الكهربائية المغشوشة، لأننا أمام قضية تتعلق بأمن وسلامة المجتمع بالكامل.