الخميس 16 مايو 2024 06:53 مـ
مصر وناسها

    رئيس مجلس الإدارة محمد مجدي صالح

    غطاطي للإطارات
    المقالات

    مجدي درويش يكتب عن التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء الرابع ”

    مصر وناسها

    ونكمل الجزء الرابع مع التخطيط والهجرة النبوية، ومادامت هناك خصومات، ومادامت هناك بغضاء فأنت معدوم الإيمان بالله عز وجل، وأن التعاون مع الآخر له أهمية، وقد جاء ذلك في وثيقة المدينة مع اليهود تأسيسا لقيم التعاون والتشارك في الحفاظ على الأرض تحت شعار "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" وتعد هذه الوثيقة أول وثيقة إنسانية تؤسس للعمل المشترك رغم الاختلاف وتطلق الحريات بكل أشكالها، وهو ما يعرف الآن بقيم المواطنة، فإن ذكرى حادث الهجرة يجب أن تنتقل بنا من المفهوم الضيق للهجرة لمفهوم أوسع وأكبر فننتقل من التخلف للتقدم ومن الجهل للعلم ومن التفرق والتشرذم إلى الاتحاد والتعاون ومن الصدام إلى التعارف.

    ونحن في أيام ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، نريد أن نأخذ قبسا من دروس هجرته، التي نحتاج إليها في حياتنا الآن، وما أكثر احتياجنا إلي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، نأخذ منها العبرة، ونأخذ منها الهدى والنور، حتى ينظر الله عز وجل إلينا برحمته، وينظر الله عز وجل إلينا بشفقته وحنانته، ويبدل حالنا إلي أحسن حال فقال الله تعالى في كتابه الكريم مبينا سرا من أسرار سياقه سبحانه وتعالى لقصص النبيين والمرسلين في القرآن الكريم "لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب" فكان في قصص الأنبياء عبرة ودروسا ينبغي أن يعيها أهل الإيمان، لتكون حياتهم امتدادا لأنبياء الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإن الإيثار على النفس.

    من مدرسة الهجرة النبوية، فالهجرة النبوية غيرت مجرى تاريخ الدعوة الإسلامية حيث أسست لقيام دولة الإيمان والعقيدة، وعلمتنا الإيخاء والإيثار حيث كان الأنصاري يخير أخاه من المهاجرين أن يأخذ من ماله كيفما شاء، لكننا وجدنا المهاجرين يتعففون، ووصف القرآن ذلك بقوله تعالى " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" وعلمتنا الهجرة أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فحين ترك المهاجرون أموالهم وديارهم التي هي أحب الأشياء إليهم عوضهم الله تعالى خيرا من ذلك كله حين فتح عليهم الدنيا وتملكوها شرقا وغربا، ووجدنا إيثاره صلى الله عليه وسلم على نفسه، فحين أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يحلب شاة أم معبد الخزاعية أعطاها الإناء أولا لتشرب.

    ثم أعطاه لأبى بكر، ثم أعطاه لعبد الله بن أريقط، ثم شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك مع علمه صلى الله عليه وسلم إلى أن أم معبد وعبد الله بن أريقط كانا كافرين، ورغم ذلك فقد آثرهما النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه، وعبدالله بن عمر كان يقول "والله لو أنفقت أموالي بكاملها في سبيل الله، وقمت الليل لا أنام، وصمت النهار لا أفطر، ثم لقيت الله وأنا لا أحب مسلما في الله، لخشيت أن يكبني الله علي وجهي في النار" ولذا قال الله عز وجل "والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما اتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" فالموت دار وكل الناس داخله،

    والدار جنات عدن إن عملت بما يرضي الإله، وإن خالفت فالنار هما محلان، ما للمرء غيرهما، فاختر لنفسك أي الدار تختار، وإن الهجرة النبوية المشرفة علمتنا حسن الإعداد للعمل والأخذ بالأسباب كى يكون العمل ناجحا وهذا واضحا حينما خرج أبوبكر الصديق رضى الله عنه في وقت القيلولة وترك الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه نائما، والغنم تروح وتغدو كي تمحو آثار الأقدام قرب الغار، وتمت الاستعانة بعبد الله بن أريقط، حيث كان خبيرا ماهرا بالطريق والطرق، ومن خلال هذه العوامل مجتمعة نجحت الهجرة ونجح النبى صلى الله عليه وسلم لأنه أخذ بالأسباب وأعد العدة كى ينجح وتنجح دعوته، وهذا أيضا من عوامل الإخلاص في العمل هو أساس النجاح.

    b4f58bbd17e83f025dc6ed57f00a66c1.jpeg
    التخطيط الهجرة النبوية الجزء الرابع