من هو الصحابي الذي افشي سرا عسكريا للدولة الإسلامية
اطَّلعنا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمورٍ عجاب، قلَّ أن يجود الزمان بمثلها! فها هو موقف لرجل أفشى سرًّا عسكريًّا خطيرًا للدولة الإسلامية، كان من الممكن أن يكون له أشدُّ الأثر على أمنها واستقرارها! إنه موقف حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه [1]، الذي أرسل رسالة إلى مشركي مكة يُخبرهم فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جهَّز جيشًا لفتحها، مخالفًا بذلك أوامر القائد الأعلى للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومُعرِّضًا جيش المسلمين لخطر عظيم! كيف يكون ردُّ الفعل المناسب في أية دولة في العالم؟! إن القتل هنا عقاب مقبول جدًّا مهما كانت ملابسات الحدث، وهذا ما رأينا بعض الصحابة يقترحه، لكن ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنه بعد أن أمسك بالخطاب الخطير، وعلم ما فيه أرسل إلى حاطب رضي الله عنه، وسأله في هدوء: «يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟»، قَالَ حَاطِبُ: "يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا [2] فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ؛ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ صَدَقَكُمْ»، قَالَ عُمَرُ: "يَا رَسُولَ اللهِ؛ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ"، قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؛ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» [3]. إن المبرر الذي ذكره حاطب قد لا يقبله الكثيرون، بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكلنا يعلم ورعه وفطنته وعدله لم يقبله، ورأى أن يُقتَل بهذا الجُرم، فكيف يسوغ أن يحاول حماية أهله على حساب جيش كامل، ثم كيف يعصي أمرًا مباشرًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ومع كل هذا إلاَّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمه رحمة واسعة، وقَبِلَ منه عذره في صفح عجيب، وعفو نادر، وقدَّر موقفه، وعذره، ولم يُوَجِّه له كلمة لوم أو عتاب، بل إنه رفع من قدره، وعظَّم مكانته، وقال لعمر وعمر يعلم ذلك: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؛ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ!» إن العدل شيءٌ، والرحمة شيء آخر! إن العدل قد يقتضي أن يُعَاقَب حاطب بن أبي بلتعة بصورة أو بأخرى، ولكنَّ الرحمة تقتضي النظر إلى الأمر بصورة أشمل، فنرى مَن الذي فعل الفعل، وما تاريخه، وما سوابقه المماثلة، وما أعماله السالفة، وهل هو من أهل الخير أم من أهل الشرِّ، وما الملابسات والخلفيات لهذا الحدث. إن العلاج العاقل يقتضي كظم الغيظ، والتدبُّر في رويَّة وهدوء. إن الرحمة تقتضي عدم الانسياق وراء عاطفة العقاب، وتلتزم بالبحث الحثيث عن وسيلة تُخرج صاحب الأزمة من أزمته. العدل درجة عظيمة.. ولكن الرحمة أعظم! الفرق بين الأثنين تلحظه في قول الله تعالى {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر من الآية:45]، فمن العدل أن يأخذ الله عباده بذنوبهم، ومن الرحمة أن يؤخِّرهم إلى أجل مسمى. تلحظ الفرق بين الاثنين في قوله تعالى أيضًا {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30]، فمن العدل أن يصيب اللهُ الناسَ بعقابه على كل خطأ يكسبونه، ومن الرحمة أن يعفو عن كثير. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتَّخذ هذا النهج طريقة ثابتة في حياته، لقد كان مطبِّقًا لأخلاق القرآن وأوامره دون تفريط ولا تضييع، فقد كان تمامًا كما وصفته عائشة أم المؤمنين عند ما سُئِلَتْ عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خُلُقه القرآن، أما تقرأ القرآن قول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]" [4]. ____________________________ [1]- حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، شهد بدرًا والحديبية، ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وقد شهد الله له بالإيمان في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة من الآية:1] (الاستيعاب [1/374]، وأسد الغابة [1/491]). [2]- امرأ ملصقًا في قريش؛ أي: لست من أنفسهم، غريبًا فيهم (ابن حجر العسقلاني، فتح الباري [7/520]). [3]- (البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس [2845]، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر [2494]). [4]- (مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، [746]، وأحمد [25341]، واللفظ له، وقال شعيب الأرناءوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"، والبخاري في الأدب المفرد [308]).



فيروس جديد حرب الهرم الأسود بأثيوبيا ..تفاصيل
رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد فعاليات ختام التدريب المشترك المصرى السودانى ( حماة النيل ) بالسودان
”وزير الدولة للإنتاج الحربى ” يكرم الطلاب المصريين الفائزين بثلاث جوائز فى المسابقة الدولية للعلوم والهندسة (ISEF)
وزير الدفاع والإنتاج الحربي يلتقي وزير برنامج إدارة المشتريات الدفاعية لجمهورية كوريا الجنوبية
”وزير الدولة للإنتاج الحربي” يتفقد مبنى الوزارة في العاصمة الإدارية الجديدة
”وزير الدولة للإنتاج الحربي” يتابع موقف موازنة العام المالي (2020/2021) لعدد من الشركات التابعة
القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يشهد مناقشة البحث الرئيسى لإدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة
وزير الدولة للإنتاج الحربي: للوزارة دور حيوي في دعم منظومة الري الحديث وتبطين الترع
وزير الدولة للإنتاج الحربي: للوزارة دور حيوي في دعم منظومة الري الحديث وتبطين الترع
الصاروخ الصيني هل هو عمود النار الذي أخبر عنه رسول الله؟ وهل هي سنة الجوع....
سدود تركيا تُهدد ملايين السوريين بالعطش والجوع!




عوائد اقتصادية ضخمة تعود على مصر من صفقة ”علم الروم”.. خبير يوضح...
محمد مجدي صالح امين حماة الوطن بالشيخ زايد مصر هي ضمير وقلب...
الخبير القانوني محمد مجدي صالح قرار الرئيس بإعادة قانون الإجراءات الجنائية للنواب...
محمد مجدي صالح حماة الوطن يغلب قضايا الوطن علي الدعاية ...
د محسن البطران حماة الوطن لا يهتم بالإفرط في الدعاية بقدر اهتمامه...